Ξ بِسْمِ اَللَهِ الرَحمَنِ الَرَحِيمْ Ξ
“أعترف أنني من النوع المتدين، غير أني لا أؤمن بديانة معينة”
_مامورو أوشي
.. .. السَلاَمُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ الله تـَعـَالىَ وَبَرَكـَاتُه ..
تعرفت على مامورو أوشي من خلال Ghost in The shell و أحببته كثيراً حتى أني شاهدت جميع أعماله اللاحقة، لم أعرف حينها أنه صنع ببدايـاته Angel’s Egg الذي يقال بأنه جعل اسم أوشي علماً في سماء الإخراج، بالنسبة لي هو مـا أظهر مقدرته كمخرج و فنّـان مستقل، بعيداً عن سياسة الاستديوهات و تدخلاتها بالمنتوجات النهائية لموظفيها. أوشي الفيلسوف صاحب العوالم المستثيرة للفكر و إعمال العقل انطلق مع تحفة الخيال العلمي سنة 1995 و ما زال يصنع أفلام تعكس الواقع و مشاكله منذئـد، أقول هذا كوني لم أستسغ بيضة الملاك كثيرا بسبب عدميته! أعمال المخرج منذ منتصف التسعينات تحمل معنى و مغزىً واضحين، لكن ما المعنى و المغزى خلف 1985 Angel’s Egg؟
إن كان من قضية بـرزت في تلافيف الأحداث و الحوارات فهي الأزمة الوجودية التي يعاني منها المخرج، لا داعي حتى لفهم الفيلم فمسرح أحداثه و ملامح شخصياته و نهايته تؤكد أن مامورو أوشي أقرب لملحد ذكّرني بفيلم لـمُلحد آخر شاهدته مؤخراً هو !Mother..
مـا حاولت صياغته ليس مراجعة توضح نقاط القوة والضعف ثم ختم المسألة بتقييم، سأحاول إن شاء القدير الإحاطة بوجهة نظر صانع الفيلم، سأقدم شرح و تحليل يمكن القارئ من فهم ما أراد المخرج إيصاله من هذه الحكاية الخاصة به، و إن كنت أستصغر بلا أدنى شفقة تصريحه هو نفسه بعدم إحاطته بالمعنى!
احتمال الفيلم لعدة تأويلات يمثل نقطة قوته الأهم؛ مما جعل مشاهدته أكثر من مرة أمرا مغريا، أنحن أمام سرد لمسيرة البشر منذ بدء الخليقة؟ قصة المرأة و الرجل؟! حكايـة دينية؟ صراع الأديان؟! أم كل هذه القصص معا؟! الأحجية الأولى هي العنوان “بيضة الملاك” أو الملَك Tenshi no Tamago، جُملة بيْضـة الملَـك تضعنا تلقائيا أمام طريقين : بيضة مٍلْكٌ للملاك، فهو صاحبها وحارسها و المؤتمن عليها، الطريق الآخر أن البيضة تحتوي المَلَـك؛ فهو داخلها بانتظار ميقات فقسه وولادته ليخرج للعالم!. إذن في الاحتمال الأول من يلعب دور الملاك الحارس [guardian angel] هي الفتاة الصغيرة بيضاء الشعر شاحبة الوجه هزيلة الجسم، تستيقظ فتخرج من ملجأها لتجمع الماء و الطعام و البيضة تحت ملابسها لا تفارقها، شخصياً شعرت برمزية مباشرة للأمّ! الحمل و الخوف و الترقب و الوهن و قلة الحيلة ليست صفات للملَائكة، إضافة أن الفتاة لم تقم بدور الحماية رغم عنايتها البالغة بما تحرسه وحديثها عن أهمية الحياة التي تنتظر خروجها، فمصير البيضة في النهاية سببه غفلة حارستها عنها و تركتها تتعرض للتحطيم. أما أن البيضة تمثل الملاك، أو ما سيفقس منها هو الملاك، فهذا تأويل مقبول أكثر؛ لأن المشاهد الافتتاحية تظهر بيضة في جوفها كائن ليس بطائر و لا حتى مخلوق عادي، هناك حياة كبيرة تنمو بالداخل، ووجود جناحين لا يرمز بالضرورة لطائر كون الأجنحة ترمز للملائكة أيضاً؛ كأن هذا تأكيد على حدث محوري قـادم حين الفقس، حدث سيكون غير سـار رغم كل شيء. إن قبِلنا بتفسير الفتاة الملاك التي فشلت في مهمتها كحارس فالرسالة ستكون أنه لا يمكن الاعتماد على الملائكة كحُمـاة، كامتداد لهذه الفكرة فالخَلاص ليس عبر الإله! التفسير الآخر بعدم وجود ملك داخل البيضة هو نفي لوجود هذه الكائنات من الأساس، الفتاة كانت واهمة و إيمانها في غير محله، بجمع هذين التفسيرين يدا بيد نخلص لوجهة نظر مفادها عدم وجود غاية من الإيمان و الدين، الملائكة غير موجودة و في أفضل الأحوال كائنات ضعيفة حالها حال البشر. فضول الجندي الذي دفعه لتلك الفعلة ورحيله عن المكان بعدها رسالة مفادها أن الإيمان بالنفس و الثقة بها أفضل حل، المثير هنا أن مصطلح الخواء و الفراغ يُستعمل من قبل عدة طوائف بوذية بشكل إيجابي يدعون من خلاله للثقة بالنفس و الاعتماد عليها بدل الاعتماد على الإله
البيضة شيء مثير للإهتمام حقا، رمزيتها تعـمّ مختلف الثقافات حول الأرض، منها من يرى أن قصة الخلق تأسست على مفهوم البيضة بشكلها الدائري الذي يخفي الحياة داخله، في الأساطير اليابانية قبل استقرار العالم على شكله الحالي كان شكل الكون بيضويـاً ضمّ الأجرام و النجوم و المجرات مختلطةً ككيان غير نظيف يتحولٌ ويتـغير قبل أخذ شكل النهائي، ربما هذا أحد أسباب تدمير الجندي للبيضة، ليس لأجل البيضة ذاتها بل لأنّ فضوله دفعه لمحاولة اكتشاف ما قد تصيره. لكن الرمزية الأوضح للبيض تظهر في المسيحية، يحتفل النصارى منذ العصور الوسطى بما يسمى عيد الفصح حيث تـوضع بيوض ملونة أمام قبر المسيح اعتقاداً أنّ من خلالها وبها يحصل البعث و الولادة من جديد، البيض هو إشارة للحياة حيث لم تكن حياة من قبل، ومسألة الولادة من جديد ظهرت بمانغا Berserk الشهيرة حيث تتعرض شخصية غريفيث لتعذيب شنيع و عندما يرفض التخلي عن حلمه يولد من جديد داخل شرنقة شبيهة بالبيضة! لا عجب من هذا التشابه بما أن العملين صدرا بالثمانينات، إضافة لكونهما يقومان على خلفية أوربـية (نصرانية) قبل كل شيء
سآتي على توضيح أكثر جانب شدني، الاقتباس من الإنجيل كان بخصوص حادثة الطوفان التي اختبرها النبي نوح عليه السلام، حيث كما يعرف الجميع أمطرت السماء و انفجرت ينابيع الأرض حتى أغرقت المياه اليابسة و لم ينجوا سوى من صعد الفُلك (السفينة)...ملجأ الفتاة الصغيرة شبيه جدا بسفينة! من الواضح أنه بناء خشبي له دعائم من حوله جعلته يقف مستويا على اليابسة، لكن أوشي لم يركز على هذا بل قفز بمكر عبر الأحداث وفجأةً ها نحن نرى المطر الغزير يكاد يغرق المدينة، انتـابني شعور أن الفيلم يروي حادثة الطوفان، ملامح الضياع على وجه الجندي و الطفلة توحي بأنهما لم يجدا وجهتهما بعد، وهما حالياً على متن الفلك يجوبان عرض البحر على غير هدى، أحد الثيمات التي يكررها المخرج بأعماله مسألة الهوية، إنها لا تتضح فقط من عبارات “من أنت؟” أو "لا أعرف من أنا" و “ربما نحن نعيش حلماً”. إن حادثة الطوفان بأكملها موظفة لتخدم قضية الهوية و الضياع، الطوفان يحصل تزامناً مع الحديث المتبادل بين الشخصيتين بشكل جعلني أطرح أسئلة من قبيل : هل تبدأ قصة الفيلم من حادثة الطوفان؟ أم بعد الطوفان؟ هل ملجأ الفتاة هو الفُلك و قد حطّ على اليابسة؟ هل هي تبحث عن من تكون و إلى أين ستذهب حالها حال الجندي؟ أم أنّهما من ركّاب الفلك الذي ما زال يمخر عباب البحر؟! لا سيما بتواجد قصة الطائر الذي يقال أن نوحاً عليه السلام أرسله ليجد اليابسة و لم يعد من حينها! أم أنّ ذاك الحوار مجرد حدّوثة لتمرير الوقت؟
لا يستطيع المرء أن يتأكد بشكل قطعي صراحة، لسنا هنا أمام مجرد قصة دينية، هي قصة الخليقة بشكل عام و نظرة أوشي الخاصة لها بشكل خاص، النظرة العدمية للحياة هي الفائدة المستخلصة في نهاية الفيلم، كأنّ أوشي يقول أن الروحانيات لم ترسم طريق السعادة للإنسان و إنما أعطته وهماً مؤقتا يسكت به غليله قبل أن يكتشف الواقع المر بنهاية المطاف؛ يوجد مشهد لرجال يحملون حِرابـاً يطاردون بها ظلال أسماك ارتسمت على الحيطان و الطرقات، دلالة السمك ربما تعود على النصرانية؛ خاصّةً بمعرفةِ أنّ العديد من حواريّي المسيح عليه السلام كانوا صيادي سمك، وأن من معجزات عيسى إطعامه ألوف الناس الارغفة و السمك فقط، لذلك بما أن الحراب لم تصطد شيءً فإن المسيحية عبارة عن وهْم يخذل من يسعَون لـه، ربما ما يؤكد هذا أنّ المخرج ذاته حاول أن يصير قسّـا في شبابه و يدرس اللاهوت لكنه أعرض عن ذلك، ربما فتاة القصة بابتسامتها للجندي منحته إشارة ثقة و بهجة برؤيته، لكنه خذلها في النهاية و خانها، ربما هذا ما حصل لأوشي في صباه!
البيضة شيء مثير للإهتمام حقا، رمزيتها تعـمّ مختلف الثقافات حول الأرض، منها من يرى أن قصة الخلق تأسست على مفهوم البيضة بشكلها الدائري الذي يخفي الحياة داخله، في الأساطير اليابانية قبل استقرار العالم على شكله الحالي كان شكل الكون بيضويـاً ضمّ الأجرام و النجوم و المجرات مختلطةً ككيان غير نظيف يتحولٌ ويتـغير قبل أخذ شكل النهائي، ربما هذا أحد أسباب تدمير الجندي للبيضة، ليس لأجل البيضة ذاتها بل لأنّ فضوله دفعه لمحاولة اكتشاف ما قد تصيره. لكن الرمزية الأوضح للبيض تظهر في المسيحية، يحتفل النصارى منذ العصور الوسطى بما يسمى عيد الفصح حيث تـوضع بيوض ملونة أمام قبر المسيح اعتقاداً أنّ من خلالها وبها يحصل البعث و الولادة من جديد، البيض هو إشارة للحياة حيث لم تكن حياة من قبل، ومسألة الولادة من جديد ظهرت بمانغا Berserk الشهيرة حيث تتعرض شخصية غريفيث لتعذيب شنيع و عندما يرفض التخلي عن حلمه يولد من جديد داخل شرنقة شبيهة بالبيضة! لا عجب من هذا التشابه بما أن العملين صدرا بالثمانينات، إضافة لكونهما يقومان على خلفية أوربـية (نصرانية) قبل كل شيء
سآتي على توضيح أكثر جانب شدني، الاقتباس من الإنجيل كان بخصوص حادثة الطوفان التي اختبرها النبي نوح عليه السلام، حيث كما يعرف الجميع أمطرت السماء و انفجرت ينابيع الأرض حتى أغرقت المياه اليابسة و لم ينجوا سوى من صعد الفُلك (السفينة)...ملجأ الفتاة الصغيرة شبيه جدا بسفينة! من الواضح أنه بناء خشبي له دعائم من حوله جعلته يقف مستويا على اليابسة، لكن أوشي لم يركز على هذا بل قفز بمكر عبر الأحداث وفجأةً ها نحن نرى المطر الغزير يكاد يغرق المدينة، انتـابني شعور أن الفيلم يروي حادثة الطوفان، ملامح الضياع على وجه الجندي و الطفلة توحي بأنهما لم يجدا وجهتهما بعد، وهما حالياً على متن الفلك يجوبان عرض البحر على غير هدى، أحد الثيمات التي يكررها المخرج بأعماله مسألة الهوية، إنها لا تتضح فقط من عبارات “من أنت؟” أو "لا أعرف من أنا" و “ربما نحن نعيش حلماً”. إن حادثة الطوفان بأكملها موظفة لتخدم قضية الهوية و الضياع، الطوفان يحصل تزامناً مع الحديث المتبادل بين الشخصيتين بشكل جعلني أطرح أسئلة من قبيل : هل تبدأ قصة الفيلم من حادثة الطوفان؟ أم بعد الطوفان؟ هل ملجأ الفتاة هو الفُلك و قد حطّ على اليابسة؟ هل هي تبحث عن من تكون و إلى أين ستذهب حالها حال الجندي؟ أم أنّهما من ركّاب الفلك الذي ما زال يمخر عباب البحر؟! لا سيما بتواجد قصة الطائر الذي يقال أن نوحاً عليه السلام أرسله ليجد اليابسة و لم يعد من حينها! أم أنّ ذاك الحوار مجرد حدّوثة لتمرير الوقت؟
لا يستطيع المرء أن يتأكد بشكل قطعي صراحة، لسنا هنا أمام مجرد قصة دينية، هي قصة الخليقة بشكل عام و نظرة أوشي الخاصة لها بشكل خاص، النظرة العدمية للحياة هي الفائدة المستخلصة في نهاية الفيلم، كأنّ أوشي يقول أن الروحانيات لم ترسم طريق السعادة للإنسان و إنما أعطته وهماً مؤقتا يسكت به غليله قبل أن يكتشف الواقع المر بنهاية المطاف؛ يوجد مشهد لرجال يحملون حِرابـاً يطاردون بها ظلال أسماك ارتسمت على الحيطان و الطرقات، دلالة السمك ربما تعود على النصرانية؛ خاصّةً بمعرفةِ أنّ العديد من حواريّي المسيح عليه السلام كانوا صيادي سمك، وأن من معجزات عيسى إطعامه ألوف الناس الارغفة و السمك فقط، لذلك بما أن الحراب لم تصطد شيءً فإن المسيحية عبارة عن وهْم يخذل من يسعَون لـه، ربما ما يؤكد هذا أنّ المخرج ذاته حاول أن يصير قسّـا في شبابه و يدرس اللاهوت لكنه أعرض عن ذلك، ربما فتاة القصة بابتسامتها للجندي منحته إشارة ثقة و بهجة برؤيته، لكنه خذلها في النهاية و خانها، ربما هذا ما حصل لأوشي في صباه!
الجندي الذي يبدو كخصم البطلة لديه خلفية عسكرية، عضلاته مفتولة و من الواضح نضجه مقارنةً بالطفلة، إنه يحمل على كتفيه صليبـاً! هناك تأويلان للصليب أحدهما يخصني، التأويل الواضح أن الجندي تمثيل لعيسى عليه السلام في رحلة الصلب و قبله التعذيب و السير لمسافات طويلة كما هو معروف، و ما يدعم أنه المسيح في رحلة صلبه هو حالة التيه و الضياع و الملامح البائسة، بيد أن تأويلي هو ما أراه أقرب للقصة و أكثر اتساقا مع أحداثها، الجندي هو المسيحية بوجهها الاستعماري، أو الاستشراقي. من المعروف أن أوروبا غزت شعوب آسيا و إفريقيا بالحملات التبشيرية قبل أن تغزوهم بالحملات العسكرية، وما فعله الجندي للفتاة هو هو ما فعله التبشيريون في البوذية عندما دخلوا اليابان و حاولوا فرض ديانتهم على أهل البلاد، هذا الأمر أُشير إليه أيضا بتحفة هيدياكي آنو Neon Genesis Evangelion، لتدعيم تأويلي أكثر فالفتاة ليست سوى الشخصية اليابانية المعروفة بالأنمي سواءٌ من ناحية الشكل و العُمر و حتى التصرفات، إنها الشوجو التي لعبت أدوار البطولة بأنميات مثل Revolutionary Girl Utena و Escaflowne و Serial Experiments Lain مرت من خلالها بتحديات فوق طبيعية وواجهت عوالم غير معتادة، هذه الشوجو التي تعيش في عالمين متوازيين جاعلةً الأمور الخارقة جزءً من الحياة الطبيعية هي ما استخدمه أوشي لـلتأمل في الأحلام و الروحانيات بقصته
هذه الشوجو أيضاً يمكن النظر إليها كفتـاة في طور النضج مقابل رجل بالغ يتربص ببرائتها، التي ترمز إليها البيضة في تفسير آخر (غير الحمْـل) يجعل القصة أبسط بكثير. بإمكاننا اعتبار الحكاية قصة بلوغ تدور حول أنثى ضعيفة تؤتمن برائتها و عفتها مع رجل لا تعرف عنه شيئاً، التلميح الجنسي حاضر بقوة هنا، بـدليل تحطيم البيضة التي تشير للبراءة و العفة على يد الرجل بلا اكتراث، عندما خرجت الضحية لتطارده سقطت في الماء فرأت انعكاسها على سطحه و هي تشبّـ ثم تشيخ في رمزية لخسارة الفطرة الدينية والبراءة الجنسية معـاً
لقد شاهدت العديد من الأفلام التي تطرقت لأزمة الإيمان لعلّ من أبرزها فيلما Mother Joan of the Angels 1961 و The exorcist 1973 وقد وجدت فيهما معالجة واقعية للدين و حجم الفراغ الروحي بالمجتمع، لكن لا أستطيع القول أن نفس المسألة تنطبق على معالجة أوشي هاته، أجواء عدمية و ملامح كئيبة و شخصيات ضائعة تمضي بغير هدى، جعلت العمل يدخل في خانة ما يسمى سينما الإنكـار the cinema of denial الذي لطالما روّجـت لها هوليوود
أتفق مع تسمية مامورو أوشي نفسه “الكلب الشارد”، لأنه فعلا خارج التيار المعتاد لمخرجي الأنمي، فهو قد عمل على مشروع جريء ما كان أن يتاح له لو بقي تحت إمرة الاستديوهات بعد تقديمه Urusei Yatsura، خروجه عن قبضة الرعاة و المنتجين و عمله مع المصمم الرائع يوشيتاكا آمانو بـاني عالمه الغرائبيّ الكابوسيّ جعله يقدّم واحدا من أكثر الأعمال إثارة للجدل و التساؤل، كان آمانو سابقاً قد عمل على أوفا (Vampire Hunter D (1985 مصمما لخلفياتها و شخصياتها و قد أبدع في ذلك رغم قرار الاستديو تقليل الميزانية مما نجم عنه نقص واضح في الألوان و تقليل لقوتها ووضوحها، أما مع أوشي فقد اختلفت القصة، آمانو أخرج إمكانياته ببيضة الملك حتى أن الجانب البصري هو في حد ذاته القصة، محاولة المصمم تجسيد عوالم أوشي و أفكاره كانت مثيرة للرهبة، يكفيك أن ترى كيف قدم بصمات المخرج الشهيرة الموجودة بكل أعماله؛ المدن المهجورة المخربة، الطيور و الريش، العتاد العسكري الثقيل، مقولات الإنجيل و التلميحات من الميثولوجيا الغربية. وفوق كل هذا الأجواء الكئيبة المحسوسة بكل مشهد تقريباً! و التي من أسرارها أن مامورو أوشي محب للسينما الأوربية و الروسية لا سيما أعمال تاركوفسكي
هذه الشوجو أيضاً يمكن النظر إليها كفتـاة في طور النضج مقابل رجل بالغ يتربص ببرائتها، التي ترمز إليها البيضة في تفسير آخر (غير الحمْـل) يجعل القصة أبسط بكثير. بإمكاننا اعتبار الحكاية قصة بلوغ تدور حول أنثى ضعيفة تؤتمن برائتها و عفتها مع رجل لا تعرف عنه شيئاً، التلميح الجنسي حاضر بقوة هنا، بـدليل تحطيم البيضة التي تشير للبراءة و العفة على يد الرجل بلا اكتراث، عندما خرجت الضحية لتطارده سقطت في الماء فرأت انعكاسها على سطحه و هي تشبّـ ثم تشيخ في رمزية لخسارة الفطرة الدينية والبراءة الجنسية معـاً
لقد شاهدت العديد من الأفلام التي تطرقت لأزمة الإيمان لعلّ من أبرزها فيلما Mother Joan of the Angels 1961 و The exorcist 1973 وقد وجدت فيهما معالجة واقعية للدين و حجم الفراغ الروحي بالمجتمع، لكن لا أستطيع القول أن نفس المسألة تنطبق على معالجة أوشي هاته، أجواء عدمية و ملامح كئيبة و شخصيات ضائعة تمضي بغير هدى، جعلت العمل يدخل في خانة ما يسمى سينما الإنكـار the cinema of denial الذي لطالما روّجـت لها هوليوود
أتفق مع تسمية مامورو أوشي نفسه “الكلب الشارد”، لأنه فعلا خارج التيار المعتاد لمخرجي الأنمي، فهو قد عمل على مشروع جريء ما كان أن يتاح له لو بقي تحت إمرة الاستديوهات بعد تقديمه Urusei Yatsura، خروجه عن قبضة الرعاة و المنتجين و عمله مع المصمم الرائع يوشيتاكا آمانو بـاني عالمه الغرائبيّ الكابوسيّ جعله يقدّم واحدا من أكثر الأعمال إثارة للجدل و التساؤل، كان آمانو سابقاً قد عمل على أوفا (Vampire Hunter D (1985 مصمما لخلفياتها و شخصياتها و قد أبدع في ذلك رغم قرار الاستديو تقليل الميزانية مما نجم عنه نقص واضح في الألوان و تقليل لقوتها ووضوحها، أما مع أوشي فقد اختلفت القصة، آمانو أخرج إمكانياته ببيضة الملك حتى أن الجانب البصري هو في حد ذاته القصة، محاولة المصمم تجسيد عوالم أوشي و أفكاره كانت مثيرة للرهبة، يكفيك أن ترى كيف قدم بصمات المخرج الشهيرة الموجودة بكل أعماله؛ المدن المهجورة المخربة، الطيور و الريش، العتاد العسكري الثقيل، مقولات الإنجيل و التلميحات من الميثولوجيا الغربية. وفوق كل هذا الأجواء الكئيبة المحسوسة بكل مشهد تقريباً! و التي من أسرارها أن مامورو أوشي محب للسينما الأوربية و الروسية لا سيما أعمال تاركوفسكي
0 التعليقات على " Tenshi no Tamago...داخـل رأس الكلـب الشارد!"